رأي تجديد

زيارة الرئيس جو بايدن للمنطقة... الحصاد

حظيت الزيارة عالمياً بالاهتمام والترقب وهناك اكثر من سبب لذلك، لعل في المقدمة الحرب الروسية على اوكرانيا وآثارها على الطاقة والغذاء، ومن  جانب دول الخليج العربية، فان الزيارة تأتي بعد سنوات كان الرؤساء السابقين، اوباما وترامب قد ودعوا المنطقة لانها كما زعموا فقدت اهميتها الجيوسياسية من جهة وجاذبيتها الاقتصادية من جهة أخرى ولم تعد في نظرهم مجرد بقرة حلوب، ولا ننسى في هذا الصدد موقف الرئيس بايدن الحاد من القيادة السعودية واعلانه خلال الحملة الانتخابية عزمه على تحويل السعودية الى دولة منبوذة كرد فعل على قضية مقتل الاعلامي السعودي المقيم في امريكا جمال خاشوقشي رحمه الله ، وبالطبع كان للولايات المتحدة دوافعها ومجرد القدوم للمنطقة واللقاء بالقادة العرب دليل على تغيير ملموس في السياسة الخارجية الامريكية، والاهتمام بدول المنطقة والتواصل معها، وتجنب ترك فراغ قد يغري بالمزيد من بسط النفوذ من جانب الصين او روسيا، كما لاينبغي ان ننسى الملف النووي الايراني وقد بلغ مراحل حرجة للغاية. 
لاشك ان  اوضاع العديد من الدول العربية لم تزل تدعو لقلق بالغ كما الوضع في العراق و لهذا رافقت الزيارة الامال باحتمال مساعدة الولايات المتحدة لشعوب المنطقة في اعادة تصويب اوضاعها….! وهي آمال ثبت لاحقاً أنها لم تكن في محلها. 
المتابع لمجريات احداث زيارة الرئيس الامريكي بايدن للمنطقة العربية، وخطب الزعماء والرؤساء المشاركين اضافة للبيان الختامي الذي صدر عن مؤتمر جدة للأمن والتنمية، يستطيع ان  يلخص دوافع الزيارة بالمحاور  التالية :
⁃ حث العرب  على توسيع دائرة التطبيع مع اسرائيل 
⁃ ضمان وتاكيد التفوق الاسرائيلي في المجالين التقليدي والنووي (اعلان القدس) 
⁃ زيادة انتاج وضمان تدفق الطاقة الرخيصة.
⁃ محاصرة التمدد الصيني الروسي في المنطقة. 
حتى عندما يؤكد الرئيس بايدن قراره باستعادة الولايات المتحدة نفوذها التاريخي في الخليج فإن دوافع القرار داخلية تتمثل بارضاء  المستهلك الامريكي  وتحسين مستوى معيشته بالحد من التضخم بتخفيض اسعار النفط، وخارجية وتتعلق بحرمان العرب من فرص المناورة السياسية مع الصين او روسيا متى ماوجدوا ذلك ضروريا لمصالحهم القومية. 
المقصود ان الرئيس  بايدين ارجع الولايات المتحدة للمنطقة بدوافع لا علاقة لها بمصالحنا او حل مشكلاتنا او تحسين اوضاعنا.... رغم ان الادارات الامريكية المتعاقبة سببت لنا  ولازالت مشاكل وازمات خطيرة. 
لهذا لم تناقش هذه التحديات، كما ان الولايات المتحدة لم تمد يدها للمساعدة، وفي ضوء ذلك، جاءت مخرجات الزيارة ومؤتمر  جدة  لاحقاً برسالة  امريكية محددة للجميع  مفادها :
"اعتمدوا على انفسكم في حل مشاكلكم حتى تلك التي خلقناها لكم، طبّعوا مع اسرائيل، تحالفوا معها  ضد ايران، ضيقوا على الروس والصينيين، افتحوا ابوابكم امام الولايات المتحدة مشرعة، زيدوا من انتاج الطاقة وأعملوا على زيادة المعروض العالمي بهدف تخفيض الاسعار وتقليل كلفة المعيشة على المواطن الامريكي….." كل ذلك دون مقابل وعلى اللَّهِ العوض!!!
مع ذلك لازال من المبكر القول ان الزيارة حققت اغراضها او انها فشلت فشلاً ذريعًا، لكن من المؤكد القول ان ماتحقق لايقارن بحجم الامال والتوقعات التي رافقت الزيارة. ولنا فيما يتعلق بالعراق مقال آخر.