آخر الأخبار

عشرات الشهداء والجرحى في اقتحام الاحتلال لمجمع الشفاء في غزة

اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي للمرة الثانية، منذ بدء عدوانها على غزة، مجمع الشفاء الطبي في حي الرمال غربي غزة والمناطق المحيطة به، مخلفة عددا كبيرا من الشهداء والجرحى.
ووفق المركز “الفلسطيني للإعلام” فقد بدأت قوات الاحتلال بقصف عنيف ثم توغلت من ثلاثة محاور لحصار المستشفى من جميع الجهات، ما أسفر عن اندلاع حريق في مبنى الجراحات التخصصية، ما أسفر عن شهداء ووجود حالات اختناق بين المرضى والنازحين في المستشفى، الذين يقدر عددهم بنحو 25-30 ألف نازح، خاصة النساء والأطفال.
واقتحمت القوات المهاجمة المبنى نفسه لاحقا إضافة إلى مبنى الاستقبال والطوارئ وأطلقت النار بشكل كثيف في داخلهما ما أسفر عن سقوط عدد من شهداء جدد وجرحى، حسب مصادر داخل المستشفى.
ومنتصف ليلة الإثنين، شعر السكان بقصف عنيف بلغ نحو 40 غارة، شنته مسيرات إسرائيلية على المجمع والمناطق المحيطة به من كافة الجهات، ما أدى لاستشهاد وإصابة العديد من المواطنين في المستشفى ومحيطه.
ووفق شهود عيان، تحت هذا الغطاء الناري الكثيف توغلت دبابات وآليات عسكرية إسرائيلية بشكل سريع ومفاجئ انطلاقاً من مناطق جنوبي مدينة غزة عبر شارع الرشيد وصولاً إلى منطقة الميناء القريبة من المستشفى ومنها توزعت لتصل إلى البوابتين الشمالية والجنوبية للمجمع.
وفي محور ثان للتوغل دخلت دبابات الاحتلال من مناطق شمالي مدينة غزة عبر شارع الجلاء وصولاً إلى شارع الوحدة ومنه إلى البوابة الشرقية للمستشفى، وفي المحور الثالث دخلت القوات المهاجمة من شمالي القطاع عبر شارعي النصر وعز الدين القسام، وصولاً إلى البوابة الشرقية الرئيسية لمجمع الشفاء.
وحاصرت الآليات العسكرية المجمع من جميع الجهات وبدأت بإطلاق النار تجاهه في ظل تحليق طائرات مسيرة فوق باحاته وبين مبانيه قبل أن تقتحمه وتطلق النار على كل من يتحرك.
ووفق مصادر طبية ومحلية نقلتها وكالة “الأناضول”، فإن هناك العديد من جثامين الشهداء ملقاة في باحات المستشفى والطرقات المؤدية إليه، قتلوا بإطلاق النار عليهم بشكل مباشر أو في القصف الذي استهدف محيط الشفاء قبل بدء عملية التوغل.

تعطيل الاتصالات

وحسب الشهود، فإن الجيش الإسرائيلي قام بتعطيل الاتصالات بشكل شبه كلي في مجمع الشفاء الطبي والمناطق المحيطة به قبل بدء عمليات التوغل. ولا يسمح للطواقم الطبية بإسعاف المصابين وإنقاذ حياتهم وسط كثافة نيران في باحات المستشفى وداخل المباني التي اقتحمها الجنود.
كما اعتقلت أكثر من 90 فلسطينياً من النازحين داخل المستشفى واقتادتهم إلى جهات مجهولة، كما ذكر شهود للأناضول.
وتمركزت الآليات العسكرية حاليا في مرآب السيارات في الساحة الخلفية للمستشفى وتقوم بعمليات تجريف واسعة فيها رغم أنها تضم عشرات القبور لفلسطينيين قتلوا خلال الأشهر الماضية في الغارات على مدينة غزة.
وناشدت وزارة الصحة في غزة كافة المؤسسات الأممية إيقاف المجزرة الإسرائيلية ضد المرضى والجرحى والنازحين والطواقم الطبية داخل مجمع الشفاء الطبي.
وقالت، في بيان، إن حريقًا نشب على بوابة مجمع الشفاء الطبي وهناك حالات اختناق بين النساء والأطفال النازحين في المستشفى وقطع للاتصالات.
وأضافت أن النازحين محاصرون داخل مبنى الجراحات التخصصية وفي استقبال الطوارئ في مبني 8.
وأشارت إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى مع عدم القدرة على إنقاذ أحد من المصابين بسبب كثافة النيران واستهداف كل من يقترب من النوافذ.
كذلك أعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها البالغ، بعد اقتحام المجمع، محذّرة من أن المعارك “تعرّض العاملين في مجال الصحة والمرضى والمدنيين إلى الخطر”.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، على منصة “إكس”: “نشعر بقلق بالغ حيال الوضع في مجمع الشفاء في شمال غزة” مضيفا أن “المستشفيات يجب ألا تكون ميدان معارك”.
وأشار إلى أن مجمع الشفاء “استأنف في الآونة الأخيرة تقديم خدمات صحية بالحد الادنى”.
وحذر من أن “أي أعمال عدائية أو عسكرة للمنشأة تعرّض للخطر الخدمات الصحية ووصول سيارات الإسعاف وإيصال الإمدادات المنقذة لحياة” السكان. وأضاف “يجب حماية المستشفيات. وقف إطلاق نار!”.

استهداف محيط المجمع

وفي المناطق المحيطة بالمجمع، اقتحمت القوات الإسرائيلية المدرسة الأمريكية التي تؤوي نحو 20 عائلة نازحة، وحاصرت مدرستي الكرمل والمتميزون وتضمان أيضا الآلاف من النازحين.
ووفق الشهود، فإن جنود الجيش الإسرائيلي اعتقلوا عددا غير معلوم من الشباب من نازحي المدرسة الأمريكية وطلبوا من النساء التوجه إلى مدينة دير البلح (وسط القطاع) عبر شارع الرشيد المحاذي لشاطئ البحر.
كما استشهد عدد من الفلسطينيين، وأصيب آخرون، جراء قصف طائرات حربية مسجدا ومنزلا في محيط المجمع. وذكر شهود عيان أن الجيش الإسرائيلي قصف مسجد “الصابرين” ومنزل عائلة “بكر” بالقرب من مستشفى الشفاء غرب مدينة غزة، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى. وأشار الشهود إلى أن الشهداء والجرحى ما زالوا في الشوارع “نظراً لعدم قدرة الفرق الطبية على نقلهم إلى المستشفيات بسبب استهداف الجيش الإسرائيلي لأي شخص يتحرك”. وأوضحوا أن طائرات “الكواد كابتر” تحلق بشكل كبير فوق شوارع ومناطق محيط مستشفى الشفاء، وتطلق النار باتجاه كل جسم متحرك. وذكروا أن قوات إسرائيلية تعتلي أماكن مرتفعة وتطلق النيران بشكل مكثف على منازل المواطنين.

مزاعم الاحتلال

وأدعى جيش الاحتلال أنه نفذ عملية وصفها بأنها “محددة” في المجمع، وزعم أنه “تمكن من القضاء على عشرين مقاتلاً”.
كما أدعى في بيان أنه “يواصل مع جهاز الأمن (الشاباك) والقوات الخاصة تنفيذ عمليات محددة في مستشفى الشفاء”، وأنه “خلال اشتباكات مختلفة، تم القضاء على 20 إرهابياً حتى الآن في المستشفى، ويجري حالياً استجواب العشرات من المشتبه بهم الذين تم القبض عليهم”.
فيما زعم المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري أنهم “سيطروا على مبان معينة داخل مجمع الشفاء وحاصروا المجمع لمنع هروب المخربين”، حسب ادعاءاته.
وقال: “حصل تبادل لإطلاق النار مع مخربين في عملية مجمع الشفاء وقتلنا عددا منهم، كما اعتقلنا 200 شخص خلال العملية”.
واعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل رقيب في صفوفه خلال الاقتحام، كما أعلن إصابة 3 عسكريين آخرين أثناء المعارك في قطاع غزة في الساعات الـ24 الماضية.
كما زعمت القناة “13” العبرية (خاصة) أن هذه العملية بدأت بعد “ورود معلومات عن وجود مسؤولين كبار من حركة حماس في مجمع الشفاء”.
وأفادت بـ “اعتقال 80 فلسطينيا من المستشفى، وإصابة جندي بجروح طفيفة، ولا توجد معلومات عن وجود مختطفين (محتجزين إسرائيليين) في المكان”.
في حين أعلنت كتائب “القسام” الذراع العسكرية لحركة “حماس”، أنها تخوض اشتباكات ضارية مع قوات إسرائيلية متوغلة، بالقرب من المجمع، وتستهدف عددا من الآليات الصهيونية، موقعة قتلى وجرحى في صفوفهم.
وعدّت حركة “حماس” اقتحام المجمع تعبيراً عن حالة التخبط والارتباك لدى الاحتلال، مطالبة بحماية ما تبقى من منشآت طبية في القطاع.
وقالت في بيان لها: إن “جيش الاحتلال الصهيوني المجرم يرتكب هذا الفجر جريمة جديدة في عدوانه على مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة والمنطقة المحيطة به وذلك باستهداف مباني المستشفى بشكل مباشر دون اكتراث بمن فيه من مرضى وأطقم طبية ونازحين”.
وشددت على أن “جرائم الاحتلال وحرب الإبادة المتواصلة ضد شعبنا وكل مكونات الحياة في غزة، لن تصنع لنتنياهو وجيشه النازي أي صورة انتصار، وهي تعبير عن حالة التخبط والارتباك وفقدان الأمل بتحقيق أي إنجاز عسكري غير استهداف المدنيين العزل”.
ورأت أن “فشل المجتمع الدولي والأمم المتحدة في اتخاذ إجراءات ضد جيش الاحتلال كان بمنزلة الضوء الأخضر للاستمرار في حرب الإبادة والتطهير العرقي التي يقترفها ضد شعبنا، والتي أحد أركانها تدمير المنشآت الطبية في القطاع”.
وطالبت مجدداً اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية وغيرها من المؤسسات الأممية المعنية، بضرورة الوقوف عند مسؤولياتهم لحماية ما تبقى من منشآت طبية في القطاع، وتوثيق جرائم الصهاينة النازيين ضد القطاع الطبي، المحمي بموجب اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني.